18 ديسمبر . 10 دقائق قراءة . 3938
الثامن عشر من كانون الأول ديسمبر... ليس يومًا عاديًّا بالنسبة للعالم العربي؛ ففي هذا اليوم من كل عام، يحتفل العالم العربي باليوم العالمي للغة العربية. وقد حُدِّد هذا التاريخ رسميًّا من قبَل الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها رقم (3190) في كانون الأول ديسمبر 1973 بعدما اقترحت المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية ذلك، في انعقاد الجلسة لمنظمة اليونيسكو. ويُعَدّ هذا اليوم اعترافًا رسميًّا وعالميًّا باللغة العربية، كلغة تحقق انتشارًا واسعًا على الكرة الأرضية؛ فهي الأكثر تحدّثًا من بين اللغات السامية.
تُعَدُّ اللغة العربية من أوسع اللغات انتشارًا على خارطة العالم، ويتحدث بها سكان العالم الممتد من دول الخليج العربي والعراق شرقًا، إلى دول المغرب العربي غربًا، مرورًا بدول الشام ومصر؛ فهُم على اختلاف لهجاتهم وتنوّعها، يجمعهم اللسان العربي ويوحّدهم، ويميّزهم عن الأمم الأخرى؛ وذلك لانفراد الحرف العربي بخصائصه، كتابةً ونطقًا...
يجمع العالم العربي اللسانُ العربي الفصيح، تمثّله اللغة العربية الفصحى، وهي لغة الكتابة والتأليف، وتنبثق عنها اللغة العامية، وهي لغة التخاطب اليومي، التي تختلف من رقعة عربية إلى أخرى باختلافات صوتية ومعنوية. من هنا، كانت اللهجات العربية مقسّمة إلى مجموعات، كل منها تمثّل عدة بلدان عربية متقاربة جغرافيًّا، ومتشابهة في طريقة نطقها. وهي عبارة عن خمس مجموعات: مجموعة اللهجات الحجازية (الخليجية)، مجموعة اللهجات السورية (الشامية)، مجموعة اللهجات العراقية، مجموعة اللهجات المصرية، ومجموعة اللهجات المغاربية، وضمن اللهجة الواحدة هنالك تنوعات عديدة بين المناطق والأجيال وحتى ضمن الأسرة الواحدة احياناً.
تشمل جميع اللهجات العربية في الحجاز ونجد واليمن. هي ما يُعرَف اليوم بلهجات الخليج العربي، وتشمل مناطق السعودية، وهي موطن اللهجة الأم، ثم الكويت وقطَر والإمارات واليمن وسلطنة عُمان.
تتميز اللهجات الحجازية ببعض الخصائص الصوتية والإملائية، منها:
تشمل جميع اللهجات العربية في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، وتُسمى أيضًا لهجات أهل الشام. في هذه البلدان العربية، تتشابه اللهجة العامية إلى حد كبير، ولا تكاد تختلف سوى في بعض طرائق نطق الكلمات، وأحيانًا في بعض المعاني.
في هذه المجموعة من اللهجات العربية العامية، نلحظ تشابهًا كبيرًا بين اللهجتين اللبنانية والسورية، فيما تتشابه اللهجتان الفلسطينية والأردنية بشكل أكبر.
كما نشهد اختلافات بسيطة بينهما في بعض الكلمات؛ فاللبنانيون يقولون: "هيدا، هيدي" عند الإشارة إلى شيء ما، بينما يقول السوريون: "هاد، هاي". وعند السؤال عن الأحوال، يقول اللبنانيون: "كيفك"، فيما قلة قليلة من السوريين تقولها؛ إذ يقولون: "شلونك".
أما الأردنيون فيلفظون حرف (القاف) بأربعة أشكال: تُقلَب إلى (جيم: G) المصرية: "قال: جال/ قديم: جديم"، (أ) كما في اللهجة الفلسطينية: "قال: آل/ قديم: أديم"، قلْبها إلى (ك): "قال: كال/ قديم: كديم"، لفْظها كـ (القاف) الفُصحى: قال: قال/ قديم: قديم.
وتميل اللهجتان إلى الاختصار في بعض الكلمات؛ إذ يقولون: "هسّاعه، هسّاع، هسّا، هسّع، هسعيّات"، بدلًا من (هذه الساعة)، و"هلئيت، هلأ، هأييت"، بدلًا من (هذا الوقت، الآن)... هذا ويقلبون (العين) إلى (نون)؛ فيقولون: "انطيني"، بدلًا من "اعطيني"...
تتميز اللهجات العراقية بأنها من أصعب اللهجات العربية على الفهم من منظور اللهجات الأخرى، وذلك لأنها محكومة بأساليب غير مألوفة لدى اللهجات الأخرى، وبِإبدال الحرف العربي بحرف أجنبي في بعض الأحيان. ولكن في السنوات العشر الأخيرة، شهد العراق انفتاحًا واسعًا على المجتمعات العربية كافة، بفعل هجرة الكثير من العراقيين خارج العراق، وبفعل وسائل التواصل الاجتماعي؛ مما ساعد في إخراج اللهجة العراقية من دائرتها وانتشارها انتشارًا واسعًا بين العرب؛ فسهُل عليهم فهْمها. ومن مميزات اللهجات العراقية:
الميل إلى تفخيم الأحرف وضمّها، قلْب (القاف) إلى (كاف: گ) في أغلب المدن العراقية: "قال: گـال/ قديم: گـديم..."، وقلْب (الكاف) إلى (جيم: چ): "كذّاب: چـذّاب/ أبكي: أبچي...".
وتتميز اللهجة العراقية بمصطلحاتها التي لا تستعملها اللهجات الأخرى، منها: أهوايا (للتعبير عن الكثير)، فدوة أو فديت أو أروح فدوة أو صدقة لله (للتعبير عن الإعجاب بالشيء)، تدلل (للتعبير عن تلبية الطلب بسرور)، آكو (أي موجود)، ماكو (غير موجود)، أباوع (أنظر)، هوسه (ضجيج)...
تشمل مجموعة اللهجات المصرية جميع اللهجات العربية العامية في مصر والسودان.
وتتميز اللهجات المصرية بأنها الأكثر فهماً بين اللهجات العربية العامية من قبل ناطقي اللهجات الأخرى، وأسهلها على التعلم والنطق؛ فهي تحقق شعبية واسعة بين الأقطار العربية كافة، ويستطيع اللبناني والسوري والخليجي والعراقي والمغربي التحدث بها من دون أية صعوبة؛ وذلك عائد إلى عدة أسباب، أهمها انتشار الأغنية المصرية في العالم العربي وتحقيقها جمهورًا واسعًا.
وأهم ما يميز اللهجة المصرية، انفرادها بلفظ حرف (الجيم)؛ إذ يُقلَب إلى (G) الإنكليزية.
تضم جميع اللهجات العربية العامية في شمال أفريقيا، وهي: المغرب، تونس، الجزائر، ليبيا.
كثيراً ما نجد المغربي يستعمل اللهجات الأخرى ليساعد الآخرين على فهم قوله؛ فيتحدث بالمصرية غالبًا أو باللبنانية أو الفصحى أحيانًا، ليتمكن الآخَر من فهمه؛ ذلك أن اللهجات المغربية تتميز بدمجها للغات أخرى فيها، نطقًا وفهمًا؛ فهي تحتوي على قدْر كبير من الكلمات الغربية، ولانفرادها بطرق خاصة في التحدّث، نحو تسكين أوائل الكلمات، كقولهم: (دْخلت) بدلًا من (دَخَلتُ)، (نتا) بدَلًا من (أنتَ)، (قْدَم) بدلًا من (قَدَم)...
ولسكّان المغرب العربي مصطلحات خاصة، ينفردون بها أيضًا، نحو: "بالزاف" (المغرب والجزائر)، "برشا" (تونس)، "هلبا" (ليبيا): للدلالة على الكثير/ "توّا": أي "الآن"/ "توحّشتك": بمعنى "اشتقتُ إليك"...
وفيما يأتي جدول ببعض الكلمات العامية، والفرق أو التشابه بينها وبين الفصحى، وبين بعضها البعض:
الفصحى | اللهجات الخليجية | اللهجات الشامية | اللهجات العراقية | اللهجات المصرية | اللهجات المغربية |
كثير | مرّة (السعودية)/ وايد (الكويت). | كتير | أهواية | أوي- كِتير(مصر)/ شديد (السودان) | بالزاف (المغرب، الجزائر)/ برشا (تونس)/ هلبا (ليبيا). |
أنف | خشم | أنف، منخار | خشم | مناخير | نيف (المغرب)/ خشم (تونس)/ خرطوم (ليبيا). |
نادى | نادى | عيّط (اللبنانيون والسوريون)، صيّح (الفلسطينيون والأردنيون). | نادى، صاح | يندَه | نادى، صاح. |
نعم | نعم، إي | إي | إي | أيوه | واخا (المغرب)، |
جميلة | مزيونة، غاوية | حلوة | حلوة | مزّة | زوينة، مليحة، تيتيزة، حلوّة. |
إشتقتُ إليك | اشتقت لك | اشتئتلّك | اشتقت لك | وحشتني | توحّشتك |
ختامًا، هناك الكثير من الكلمات التي تضع اللهجات في مواقف مضحكة مع بعضها، وأحيانًا محرِجة؛ فسكّان المشرق العربي يقصدون خيرًا بقولهم: "الله يعطيك العافية"، فيما سكّان المغرب العربي سيُجنّ جنونهم لو قال أحد لهم هذه الجملة، ذلك أن "العافية" تعني "النار" عندهم.
وإذا قام شخص تونسي بدعوة أحد إلى طبق من "العظم"؛ فهذا لا يعني أبدًا العظم الذي نعرفه، بل يعني "البيض".
أمّا كلمة "باسل" التي تعني القوة والشجاعة؛ فهي عند الجزائريين مختلفة، وتدل على سخافة الشخص وثقْل مجلسه.
وعندما نقول لشخص عراقي: "أنت مبسوط"؛ علينا أن لا نستغرب من ردّة فعله؛ فالمبسوط عند غالبية العرب يدل على الفرَح، بينما في العراق فهو يعني أنه مضروب.
تصفح أيضًا:
قم بإختبار شخصيتك بواسطة لعبة تحليل الشخصية بالاسئلة
ماذا يوجد قبل باب المقبرة الفرعونية
في الثامن عشر من كانون الأول ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم العربي باليوم العالمي للغة العربية. وفي هذا اليوم، يتذكر العرب أن اللغة العربية الفُصحى تجمعهم على لسان واحد، يتميز بالحرف العربي الذي ينفرد بخصائصه عن حروف اللغات الأخرى.
من اللغة العربية الفصحى تتفرع اللهجات العامية الدارجة، التي تختلف باختلاف جغرافية كل منطقة. ولحصْرها، قُسِّمت إلى خمس مجموعات:
لكل مجموعة من هذه المجموعات خصائصها الصوتية والنطقية والمعنوية، ونحن نجد اختِلافات فيما بينها، وكذلك داخل المجموعة الواحدة، وذلك عائد إلى أسباب كثيرة، منها جغرافية واجتماعية وسياسية...
وفي هذا المقام، لا بدّ من التنويه إلى أمر ما، ألا وهو عدَم إدراك البعض، وبخاصة جيل المراهقين لقيمة الحرف العربي؛ ما جعل لغة الإنترنت تسود بينهم؛ إذ يكتبون الكلمة العربية بحروف أجنبية. وهنا، لا بدّ من استغلال اليوم العالمي للغة العربية للتذكير بأهمية الحفاظ على إرث اللغة العربية العظيم.
ساهمت في كتابة المقال: صفاء الشيخ، لفريق "مِرْداد".
21 يونيو . 7 دقائق قراءة
04 يونيو . 2 دقيقة قراءة